01 - 05 - 2025

نحن والغرب | بعثات العلم والتنوير .. أين هي؟!

نحن والغرب | بعثات العلم والتنوير .. أين هي؟!

نفتقد كثيرا دولة محمد علي باشا .. تلك الحضارة التي جددت دماء الجسد الفرعوني وأنعشت العصر الحديث ببعثات علمية وثقافية قصدت الشاطئ الآخر من العالم، وانتشرت في جامعات ومعاهد أوروبا لتستلهم الدروس وتقتدي بنماذج التقدم والازدهار، وتنصهر بداخلها مواهب وملكات أبنائنا من الطلبة وتلاميذ العلوم والآداب وأصول النقل والترجمة إلى أن أفرزت التجربة الخالدة روادا ورموزا يحملون أسماء رفاعة الطهطاوي والإمام محمد عبده وعلي مبارك .. ومنهم أثمرت الشجرة الوارفة بالمعرفة والوعي الإنساني روافد وفروعا فور عودتهم إلى الوطن .. وتوراثت الأجيال جينات الرغبة في التعلم وشغف الاطلاع، وارتوت بماء التعليم الصحي والطموح الذي لاينتهي سقفه ولاينضب معينه!.

خدم والي مصر البلاد وكوادرها وشبابها أعظم خدمة تاريخية، وبنى مصر الحديثة التي باتت منذ هذه الحقبة محط الأنظار والأطماع .. وهدف الغزو .. ومرمى الإرهاب ..  ولكن ظلت المحروسة تقاوم وتنتصر، وتعبر الحدود والقارات بمنطق العلم وفلسفة تنوير العقل وشعلة الأفكار والابتكار .. وتمر القرون وتتبدل الوجوه على رأس السلطة بين الأتراك والمستعمرين وصولا إلى حكم العسكر، وتتقلص مساحة بعثات الشباب من الطلبة والحرفيين والعمال لاكتساب الخبرات وتطوير المهارات، بينما كان يجب أن تتضاعف عشرات المرات وتتسع رقعتها لتشمل المراحل العمرية منذ الصغر، لضمان تشكيل الشخصية وبنائها وتأهيلها على النحو الأمثل .. وكانت تلك هي العلاقة الصحية السوية بين الشرق والغرب لتلتحم الحضارات وتتلاقى المجتمعات عند نقطة تفاهم وانسجام وتكامل لا تنافر بين البيئات الثقافية .. التجربة الإنسانية العظيمة لاينبغي أن يكون مصيرها الدفن والنسيان، وسفينة البعثات الخارجية ترفع شراع "الهجرة الشرعية" نحو أدوات وعالم الشاطئ الآخر، وتعجز أمواج البحر عن ابتلاع ركابها لأنهم يهربون إلى المستقبل وليس المجهول .. فهل نكتفي بالبكاء على الأطلال والترحم على أيام "المستبد المستنير"؟!!
--------------------------------
بقلم: شريف سمير
* كاتب صحفي ونائب رئيس التحرير بالأهرام

مقالات سابقة في ملف "نحن والغرب"

مقالات اخرى للكاتب

نحن والغرب ..